Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

الأنبا أنطونيوس أب رهبان العالم

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

ل

Home
Up

*************************************************************************************************************

الجزء التالى من كتاب دير القديس أنبا مقار - الرهبنة القبطية فى عصر القديس أنبا مقار - الأب متى المسكين سنة 1995 م ص 49 - 50 أوردناه هنا لتوضيح تاريخ بدء الرهبنة فى مصر التى أنتشرت منها إلى العالم كله , وقد وضع هذا الموضوع والذى كتبه الأب متى المسكين تحت عنوان " القديس أنطونيوس أول أب لأول دير فى العالم " ولأن يهم الكثير من الباحثين والدارسين فى موضوع " بيان الفرق بين الرهبنة الأنطونية ( نسبة إلى القديس باخوم ) والرهبنة الباخومية ( نسبة إلى القديس باخوم ) "

********************************************************************************************************************************

 وكما أن القديس بولا كان اول المتوحدين , كذلك القديس أنطونيوس كان أول أب لأول كينوبيون ( الحياة الرهبانية المشتركة ) , فحينما خرج أنطونيوس من عزلته وتوحده الكامل سنة 305 م , ليقود أول جماعة من أولاده أجتمعت حوله فى قلالى منفردة , كان ذلك إيذاناً ببدئ عصر الأديرة فى مصر وبالتالى فى العالم أجمع , وكان يسمى التجمع الرهبانى فى صورته الولى البسيطة بإسم لافـــرا وتكتب بالأنجليزية Lavra وتأتى فى المخطوطات القديمة بإسم السيق وجمعها الأسياق (1) باللغة العربية  

أما نظام معيشة الجماعة الديرية الأولى التى عاشت حول القديس أنطونيوس , فكانت وسطاً بين النظام التوحدى ونظام الكينوبيون , لأن من سيرة بولا البسيط نعلم ان القديس أنطونيوس بعد أن أختبره ومرنه على الحياة التوحدية عدة أشهر , كان فيها يعيش معه تحت ملاحظته فى حياة شبه مشتركة , أمره أن يحفر لنفسه قلاية على بعد أربعة أميال من منطقة سكنة الخاص , وهكذا أنتقل بولا من حياة الكينوبيون إلى حياة الوحدة , ومان فى ألثنين تحت تدبير القديس أنطونيوس .

كذلك يخبرنا بالليديوس , أنه علم من كرونيوس تلميذ القديس أنطونيوس أن معلمه كان يعيش على بعد 30 ميلاً على النهر بعيداً عن بسبير , متوحداً بينما كان الذى يدبر الدير فى ذلك الوقت مكاريوس وأماثاس , حيث كان الدير عبارة عن كينوبيون يضم جماعة من المتوحدين المتتلمذين للقديس أنطونيوس .

وكذلك من بقية سيرة القديس أنطونيوس , نتأكد تماماً أنه كان من مبادئ هذا القديس أن طالب الرهبنة ( الوحدة ) ينبغى أن يعيش أولاً فى الكينوبيون , وبعد ذلك إذا كمل فى العبادة يخرج إلى الوحدة الكاملة , فعند زيارته للقديس آمون بنتريا (جنوب بحيرة مريوط ) أشار عليه بأن الإخوة العائشين فى الكينوبيون بنتريا والمحبين للوحدة , يلزمهم أن ينحدروا جنوباً مقدار ثلاث ساعات , ليعيشوا متوحدين .

ويعطينا كتاب الأبوفثجماتا تقريراً عن هذا بقوله : " [ حدث مرة أن أنبا انطونيوس جاء إلى جبل نتريا , ليفتقد أنبا آمون , فبعد أن تلاقيا معاً سأله أنبا آمون , إذ قد تكاثر عدد الأخوة بصلاتك , وبعضهم يشتاق إلى أن يبنى قلالى  Kellia بعيدة , حتى يكونوا فى هدوء , فماذا تنصح بأن تكون المسافة التى تفصل بين هذه القلالى وبين الخوة الساكنين هنا ؟ فأجاب أنطونيوس : " حينما نتناول طعامنا الساعة التاسعة حينئذ نذهب نحو الصحراء , لنرى المكان المناسب , فلما بدأوا المسير ( من الساغة التاسعة ) ظلوا سائرين حتى غروب الشمس ( حوالى ثلاث ساعات ) حينئذ إلتفت القديس أنطونيوس إلى آمون وقال له : " هيا نصلى ونرفع الصليب هنا , حتى أن كل من أراد أن يعيش , ويبنى هنا يعمل مثلنا ( أى يصلى ويرفع الصليب ) .. فإذا أراد الإخوة أن يزوروهم فيما بعد , يمكنهم بعد أن يأكلوا لقمتهن الساعة التاسعة يقومون ويزوروهم , واللذين من هنا كذلك إذا رغبوا فى زيارة أخوتهم ( ( وقاموا من هنا الساعة التاسعة ) يبلغونهم قبل الغروب , فلا يحدث لأى أحد ضيق أو تشتت إذا رأى أحد منهم ألاخر , والآن المسافة هى 12 ميلاً (2) ( أنظر الخريطة ) ]

وهكذا يعتبر القديس أنطونيوس أحد مؤسسى منطقة القلالى , أى نظام الوحدة الكاملة , بالإضافة إلى نظام الكينوبيون , أى المعيشة المشتركة , ولكن من هذه القصة الطريفة يتبين لنا أمور فى غاية الأهمية والخطورة , ففيها يظهر مقدار نمو الرهبان بسرعة كبيرة حتى ملأوا منطقة جبل نتريا التى تمتد عشرات الكيلومترات , ثم مقدار طاعة وخضوع كافة الخوة المتوحدين لتدبير أبيهم الروحى , حتى أن واحداً منهم ما إستطاع أن ينتقل من الكينوبيون إلى الوحدة دون أن يدبر آمون لهم أولاً وبنفسه المكان المناسب , ثم يظهر أيضاً مقدار التفاهم والمشورة والطاعة الكائنة فى القديس آمون من نحو القديس أنطونيوس , بهذه الروح نمت الرهبنة وتقوت الوحدة , وعمرت القفار والجبال , وصارت كجنة الرب على الأرض . 

==========

المــــــــــراجع

(1) راجع فهرس المخطوطات العربية المكتبة الأهلية بباريس ص 69  

(2) Apoph. Pater. Antony. XXXIV
الجزء التالى من كتاب التاريخ الكنسى لسوزمينوس  THE ECCLESIASTICAL HISTORY - OF Sozomen .. ترجمه من اليونانية : Chester d. Hartranft .. ونقله الى العربية : الدكتور/ بولا سـاويرس نقلا عن : NPNF, II, 1890 A.D.
**********************************************************************************************
الكتاب الأول: الفصل الثالث عشر
(عن انطونيوس الكبير وبولس البسيط)
(1/13/1) وسواء أكان المصريون أم غيرهم هم الذين أسسوا هذه الفلسفة، فإن المعتقد به على نحو عام أن انطونيوس([112]) الراهب العظيم قد نما بمنهج الحياة هذه بممارسات أخلاقية ولائقة حتى بلغت ذروة الكمال والدقة.
(1/13/2) لقد انتشرت شهرته فى سائر أرجاء صحارى مصر إلى درجة أن الإمبراطور قنسطنطين بسبب شهرة فضائل هذا الرجل، التمس صداقته وكرَّمه بالمراسلات وحثه على أن يكتب [له] بما يحتاجه.
(1/13/3) لقد كان مصريا بالجنس، وينتمى إلى أسرة عريقة فى "كوما" التى كانت تقع بالقرب من هيراكليا التى على الحدود المصرية. لقد كان شابا بعد عندما فقد والديه، فوهب ميراثه الأبوى لرفقائه القرويين، وباع باقى ممتلكاته ووزع الباقى على المحتاحين لأنه كان يعى أن الفلسفة لا تعنى مجرد ترك الممتلكات بل توزيعها المضبوط. وحصل على اعتراف الرجال المكرسين فى أيامه واحتذى بفضائل الجميع. واعتقادا منه أن ممارسة الصلاح ستكون مبهحة بالتعود، على الرغم من الحماس الخارجى، فإنه تأمل فى أكثر أساليب النسك كثافة، وتراكمت يوما فيوم عن طريق ضبط النفس مثلما كان يُوصِى دائما الذين تحت اشرافه. لقد أخضع ثورات الجسد بالعمل، وألجم أوجاع النفس بمعونة الحكمة الإلهية. كان طعامه الخبز والملح، وشرابه الماء، ولم يكسر صومه قط قبل غروب الشمس. وغالبا ما كان يظل يومان أو ثلاثة بدون أكل. لقد سهر طوال الليل، هكذا يُقال، واستمر فى الصلاة إلى مطلع النهار. وإذا ما غلبه النوم فى أى وقت كان ذلك لفترة قصيرة على حصيرة قصيرة، فلقد كانت الأرض الغبراء فراشه بصفة عامة. لقد رفض عادة التدهن بالزيت، وبالمثل استخدام الحمامات([113])، ووسائل الترف المماثلة لراحة تعب الجسد بالترطب، وقيل أنه لم ير نفسه قط عاريا. لم يكن متعلما ولكنه حاز على فهم جيد إذ كان متقدما فى الحروف ومكتشفا لها. كان وديعا للغاية ومحبا لخير البشر، فطنا وشهما حارا فى المحاورات، ودودا فى المجادلات حتى عندما يستخدم الآخرون الموضوعات الجدلية كمناسبة للنزاع، كان بسلوكه الخاص وبنوع من الذكاء يستمر فى الهدوء عندما يحتدمون، ويردهم إلى الاعتدال وأيضا كان يُلطَف من حمية المجادلين له ويضبط سلوكهم. وعلى الرغم من أنه قد صار بسبب فضائله غير العادية مملوءً من نعمة سبق المعرفة، فإنه لم يعتبر سبق المعرفة بالمستقبل فضيلة، ونصح الآخرين بشدة ألاَّ يمتلكوا هذه الفضيلة، لأنه اعتبر أن أحدا ما لن يُعاقَب أو يُجازَى بحسب جهله أو معرفته للآتيات، لأن البركات الحقيقية تكمن فى عبادة الله وحفظ نواميسه. ولكنه قال إن عرف أى إنسان المستقبل فعليه أن يتطهَّر بإستمرار فى النفس لأنه سيستطيع أن يسير حينئذ فى النور وسيفهم الأمور العتيدة أن تحدث لأن الله سيكشف له المستقبل. إنه لم يسمح لنفسه أبدا أن يكون خاملا، بل حث جميع أولئك الذين بدوا أنهم يرغبون فى حياة صالحة على الاجتهاد فى العمل، وعلى فحص الذات والاعتراف بالخطية أمام ذاك الذى خلق النهار والليل. وكان يحثهم على تسجيل زلاتهم كتابة عندما يضلون كى ما يخجلون من خطاياهم، ويخافون من أن يجدوا خطايا كثيرة مسجلة لأنه سيخاف أن يصل المكتوب إليه فينكشف للناس الآخرين كشخصية فاجرة.
(1/13/4) إنه خلاف الآخرين، جميعا، انبرى للدفاع عن المتألمين بأقصى غيرة ونشاط، وفى حالتهم كان يلجأ حتى إلى المدن، إذ أن كثيرين قد أتوا إليه وألزموه أن يتشفع من أجلهم لدى الحكام ورجال السلطة. ولقد شعر الجميع بالشرف عند رؤيته، وأصغوا بشدة لخطابه واستسلموا لحججه، لكنه فضَّل أن يظل مجهولا ومخفيا فى الصحراء. وعندما كان يُلزَم بالنزول إلى المدينة، لم يتوان قط فى الرجوع سريعا إلى الصحراء بمجرد إنجاز العمل الذى نزل من أجله. لأنه، كما قال، كما أن السمك لا يستطيع أن يعيش خارج المياه، هكذا الصحراء هى العالم الذى أُعِّد للرهبان. وكما أن السمك يموت متى أُلقِّى على اليابس هكذا تفقد الأديرة جاذبيتها متى نزلت إلى العالم. لقد ألزم نفسه بالطاعة والكرم لكل مَن كان يراه، وكان حريصا ألا يدع أو يبدو عليه طبيعة رياء.
(1/13/5) لقد أوردتُ هذا الوصف الموجز عن انطونيوس حتى يمكن تكوين فكرة عن فلسفته عن طريق الاستنتاج من وصف سلوكه فى الصحراء.
(1/13/6) وكان له تلاميذ مشهورين كثيرين، ازدهر بعضهم فى مصر وليبيا، وآخرون فى فلسطين([114]) وسوريا والعربية. ولم يكونوا أقل من معلِّمهم. إذ عاش كل منهم مع مَن سكنوا معه، ونظَّم سلوكهم، وعلَّم الكثيرين، وتوَّجهم بفضائل كثيرة وفلسفة.
(1/13/7) لكن من الصعب على أىّ أحدٍ أن يتتبع رفقاء انطونيوس أو خلفائهم من خلال الاهتمام بالذهاب إلى المدن أو القرى لإكتشافهم. لأنهم رأوا أن الاختفاء يكون أكثر حرارة عن الرجال الباحثين عن الشهرة والصيت والمظهر.
(1/13/8) ولابد أن نروى بترتيب زمنى تاريخ أكثر تلاميذ انطونيوس([115]) شهرة وبصفة خاصة بولس الملَّقب بالبسيط. لقد قيل أنه كان يسكن فى الريف، وكان متزوجا من امرأة جميلة. وحدث أن ضبطها ذات يوم فى فعل زنى، فإندهش وضحك وأكَّد بقسم أنه لن يحيا معها بعد الآن بتاتا. فتركها مع الزانى وذهب للتو للإنضمام إلى انطونيوس فى الصحراء. وأكثر من ذلك يُروَى عنه أنه كان وديعا وصبورا للغاية، وإذ كان مسنا وغير معتاد على الشفاء النسكى قام انطونيوس بإختبار قدراته بطرق عديدة كوافد جديد ولم يتوصل إلى أمر سلبى. وإذ قدَّم دليلا على كمال الفلسفة([116])، أُرسِل ليحيا بمفرده إذ لم يعد فى حاجة إلى معلِّم. وقد صدَّق الله نفسه على شهادة انطونيوس، وأظهَر الرجل كأكثر إنارة بأعماله العظيمة، حتى عن معلّمه فى طرد وإخراج الشياطين([117]).
**************************
المراجع
112)  أى القديس انطونيوس الكبير أبو الرهبان فى مصر فى العالم
113)  أى الخمات العامة آفى ذلك الوقت المليئة بالموبيقات
114) مثل القديس هيلاريون أو إيلاريون (الملقب بأنطونيوس فلسطين)
115) القديس الأنبا انطونيوس الكبير مؤسس  نظام الرهبنة فى مصر
116) قلنا أن سوزمينوس كان يرى الرهبنة هىالمعرفة الحقيقية للرب ، ومن هنا عبر عنها طوال عمله هذا بالفلسفة
117) بالطبع إعتمد سوزمينوس هنا على بلاديوس أنظر (تاريخ الرهبان فى أواخر القرن 4)
الجزء التالى من كتاب التاريخ الكنسى لسوزمينوس  THE ECCLESIASTICAL HISTORY - OF Sozomen .. ترجمه من اليونانية : Chester d. Hartranft .. ونقله الى العربية : الدكتور/ بولا سـاويرس نقلا عن : NPNF, II, 1890 A.D.
**********************************************************************************************

الكتاب الأول: الفصل الرابع عشر
(عن القديس آمون، ويوتيخيوس فى أوليمبوس)
(1/14/1) وفى نحو هذه الفترة تبنى آمون المصرى [هذه] الفلسفة. لقد قيل أنه قد أُجبِر على الزواج من قِبل أسرته. ولكنه لم يعرف أبدا زوجته جسديا، لأنه فى يوم زواجه عندما كانا منفردين، وبينما يقود كعريس عروسه إلى فراش الزوجية، قال لها آه يا أمراة إن زواجنا قد حدث ولكنه لم يكمل. وعندئذ أظهر لها من الأسفار المقدسة أن خيرها الرئيسى أن تبقى عذراء وحثها على الحياة منفردين. وقد اقتنعت بحُججه بشأن البتولية، ولكنها كانت محصُورة بفكرة الحياة المنفصلة عنه. ولذلك على الرغم من أنه كان يعيش فى فراش منفصل، فإنه ظل لمدة ثمانى عشرة سنة لا يهمل تدريباته الرهبانية.
(1/14/2) وفى النهاية تشددت المرأة بقوة بفضيلة زوجها واقتنعت أنه ليس من العدل لرجل كهذا أن يعيش بسببها فى المجال البيتى. ورأت أنه من الضرورى لكل منهما من أجل الفلسفة أن يعيش بمفرده منفصلا عن الآخر فإلتمست من زوجها هذا.
(1/14/3) لذلك رحل بعد أن شكر الله على مشورة زوجته وقال لها ابقِ أنتِ فى هذا البيت وأنا سأصنع آخر لنفسى، واعتزل فى مكان صحراوى جنوب بحيرة مريوط بين الاسقيط وجبل يُدعى نيتريا.
(1/14/4) وهكذا كرَّس نفسه خلال إثنين وعشرين سنة للفلسفة، وكان يزور زوجته مرتين فى السنة. وكان هذا الرجل التقى مؤسس الأديرة هناك [أى فى نيتريا] وجمع حوله الكثيرين من التلاميذ، كما تُظهِر السجلات.
(1/14/5) وحدثت له كثير من الأحداث غير العادية التى سُجِلَّت بدقة من قِبل الرهبان المصريين، الذين بذلوا كلَّ ما فى وسعهم لإحياء ذكرى فضائل أقدم النساك، وحفظوها فى تقليد شفاهى غير مكتوب متعاقب([118]). واننى سأروى بعضها على قدر معرفتنا.
(1/14/6) حدث أن خرج آمون وتلميذه ثيودور ذات يومٍ فى سفر إلى مكان ما، واضطر إلى عبور قناة تُدعَى ليكوس. فأمر آمون ثيودور أن يرجع إلى الخلف لئلا يرى كل منهما عرى الآخر. وإذ كان هو بالمثل يخجل أن يرى نفسه عاريا، شعر بقوة إلهية تمسكه وتحمله إلى الضفة الأخرى. وعندما عبر ثيودور المياه أدرك أن ثياب وأقدام الكبير ليست مبتلة، وعندما استعلم عن السبب لم يتلق جوابا. فألح بشدة فى هذا الموضوع، وأخيرا اعترف آمون بعد أن اشترط عليه ألا يذكر ذلك خلال حياته بالحقيقة.
(1/14/7) وفيما يلى معجزة أخرى من نفس النوع. أحضَر إليه بعض الأشرار ابنا عقره كلب مسعور وكان على شفا الموت، وتوسلوا إليه بدموع أن يشفيه. فقال لهم: ابنكم ليس فى حاجة الىَّ ليُشفى، ولكن إن رغبتما فى شفائه، فردوا الثور الذى سرقتموه إلى أصحابه، فيُشفَى فى الحال. وكانت النتيجة كما توقع. رُدَّ الثور، وشُفِىَّ الابن فى الحال.
(1/14/8) وقيل أنه عندما توفى آمون رأى انطونيوس روحه صاعدة إلى السماء، وتقوده القوات السمائية مرتلة المزامير. وعندما سأله مرافقوه عن علة اندهاشه، لم يُخفِ الأمرَ عنهم، لأنه كان ينظر إلى السماء بشدة وكانت دهشته واضحة من المنظر العجيب. وبعد ذلك بوقت قصير حضر أناس من الاسقيط، وأبلغوا ساعة وفاة آمون. وتأكدت حقيقة ما قد قاله انطونيوس.
(1/14/9) وهكذا كما شهد جميع الصالحين كان كلٌ من هؤلاء الرجال القديسين مباركا فى سلوك معين. الواحد براحته من هذه الحياة، والآخر بإعتباره مستحقا لمعاينة المشهد العجيب الذى أراه اياه الرب. لأن انطونيوس وآمون كانا يعيشان على مسافة سفر عدة أيام بين بعضهما البعض. وهذه الرواية تُلِيَت من قِبل الذين كانوا مُلمين شخصيا بكل منهما.
(1/14/10) واننى مقتنع أنه فى خلال هذه الفترة كان تبنى يوتيخيانوس Eutychianus للفلسفة([119])، وقد اختار موضع اقامته فى بيثينيا بالقرب من اوليمبس وكان ينتمى إلى شيعة النوفاتيين([120]). وكشريك فى النعمة الإلهية شفى أمراض وأجرى معجزات، وبسبب شهرة حياته الفاضلة حرص قنسطنطين على صداقته به وعلاقته الحميمة.
(1/14/11) وفى حوالى ذلك الوقت حدث أن أُتهِم أحد الحرس الخصوصيين بأنه يدبر مكيدة ضد السلطة، فهرب. وبعد بحث عُثِر عليه بالقرب من اوليمبس. فإلتمس اقرباؤه من يوتيخيانوس أن يتشفع عنه لدى الإمبراطور وفى نفس الوقت يطلب رفع القيود عن الأسير لئلا يموت تحت ثقلها.
(1/14/12) ويُروَى أنَّ يوتيخيانوس ارسل إلى الضباط الذين يضعون الرجل فى الحبس طالبا منهم أن يحلوا القيود عنه. وعندما رفضوا ذهب بنفسه إلى السجن وكانت أبوابه موصدة وفتحها فسقطت القيود عن الأسير. وارسل يوتيخيانوس تقريرا بعد ذلك إلى الإمبراطور الذى كان يقيم آنذاك فى بيزنطة وحصل بسهولة على عفو. لأن قنسطنطين لم يكن يبغى رفض طلبه، لأنه كان يكرم الرجل بشدة.
(1/14/13) لقد أوردتُ الآن بإيجاز تاريخ معلمى الفلسفة الرهبانية الأكثر شهرة. فإذا أراد أى شخص الحصول على معلومات أكثر دقة عن هؤلاء الرجال فسيجدها فى السير التى كُتِبَت عن الكثيرين منهم
***********
المراجع
118)  هذا التقليد الشفاهى كان قد سجله رلاديوس ورفينوس وجيروم وكاسيان وكانت هذه الأعمال بالطبع متاحة وفى متناول اليد فى تلك الفترة التى بدأ فيها كتابة تاريخه ،وقد شكلت بالطبع مصادر أساسية لتاريخه وإن لم يذكر أسماء من نقل عنهم
119) أى الرهبنة
120)  يجب ملاحظة أن هذه الشيعة لم تكن بدعة فى العقيدة والإيمان ولكنها كانت تمثل موقفا متشددا من جهة الساقطين "بالضعف البشرى


فيما يلى جزء من كتاب الـتـاريـخ الـكنسـى" للمؤرخ سُقراتيس سكولاستيكوس (ق4م) عـن الفترة 306م - 43 ترجمهُ من اليونانية إلى الانجليزية ايه. سى. زينوس - تعريب الدكتور الأب/ بـولا ساويرس  - مراجعة نيافة الحَبْر الجليل الأنبا/ إبيفانيوس اسقف ورئيس دير الأنبا مقار -
*******
الكتاب الأول: الفصل الواحد والعشرون
(انطونيوس الراهب)
أى نوع من الرجال كان ذلك الراهب انطونيوس الذى عاش فى الصحراء المصرية فى نفس هذه الفترة تقريبا، وكيف كان يُصارع الشياطين جهارا كاشفا بوضوح أنماط حروبهم الوحشية وخداعاتهم، وكيف أنجز الكثير من المعجزات. بالطبع نحن فى غنى عن الكلام، لأن أثناسيوس اسقف الأسكندرية قد أمدنا بكتاب كامل عن سيرته([63]).
وكان هناك كثيرون مثل هؤلاء الرجال الصالحين، يعيشون فى نفس الوقت خلال سنوات الإمبراطور قنسطنطين.

*****************************

مديح القديس أنبا أنطونيوس
في كنيسة الأبكار في مجمع الأطهار قائـــم بكل وقــــــار
بنيوت أفا أنطونيوس
قائم بمجد عظـــيم مع لباس الأسكيم في طقس السيرافيم
بصلاة روحانــــية بحياة إلــــــــــهية دشنت الــــــــــبـرية
بجهاد في الصلوات عشرات السـنوات بدموع في المطانيـات
بنسك في الأصوام إلى مـدى الأيـــام بنــفـــس لا تـنــــام
بزهد في الـلـــذات بهذيذ في الإلهيات وتأمل الـروحانيات
أعطيت روح إيلـيا وحنـــة الـــــــنبية ويوحنــا ابن ذكريا
ارتاع الشياطيــــن من قلـبك الأمــــي وصـــلاتك كل حين
حاربوك مدة طويلة بذلوا كــل وسيلــة بكـم حيلــة وحيلــة
بأختــك ذكـــــــروك لكـيمـا يقـلقـــــوك بــهذا ويـرجعــــوك
نثـروا الذهب والمال أمامك على الجبال يضوي بين الرمـال
أتوك بطــرب وغناء وصـورة الغــــنـاء لتسقط في الإغـراء
وأتـوك بشكل أسـود ونمــور وفــهـــود بصـياح كالـرعـــود
جــــاءوك بـــــأذاهم لتخاف من رؤياهم تواضعـك أخـزاهــم
صرخــــت يا أقوياء لماذا هذا العـنـــاء تـراب أنــا وهبـــاء
عجبي لتجمهـــــــركم على ضعفي وتظاهركم أنا أضعف من أصغركم
يا بـرج عال حصيـن يا مثال للمــنـسحقــين تـتـواضــع للـشياطين
يا قــــــدوة ومــثال على مدى الأجيـــــال يا سـاكـن الـجـبــال
يا مثــــال البتــولية والــقـوة الروحــــية وهـدوء الـبـــــرية
يا عظيم في جهادك يا حكيم في إرشـادك إشـفـع فــي أولادك
لم نحـي كـحـياتــك لم نسلك في صفاتـك فاذكرنا في صلاتك
إشفع فـي مـذلــتـنـا وضعـف طـبـيـعـتـنـا فـي مـدة غـربـتـنـا
بنيوت أفا أنطونيوس
تفسير إسمك في أفواه كل المؤمنين الكل
يقولون يا إله أنبا أنطونيوس أعنا أجمعين

 

This site was last updated 02/12/18