Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

المانـــــــــوية / MANICHAEISM
إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس ستجد تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
المانوية أصل الإسلام
مضمون الديانة المانوية
المانوية والموسوعات

 

جزء من سؤال جرئ - قناة الحياة

 الدكتور رأفت عماري: آه فيه مصادر المانوية، يعني الديانة المانوية إلي أسسها ماني في القرن الثالث، و نحن بنعرف إنو قريش الكثير منهم تزندق يعني صار مانوي. لأنه الزندقة هي المانوية مثلا خليني أعطيك بعض الأفكار، ماني كان إلو قرين مثل محمد إلو قرين. ماني ادعى إنو هو الروح القدس.. البارقليطس. ادعى نفس الشيء محمد. ماني ادعى إنو جميع الناس إلي عاشوا قبله كانوا مانويين، و محمد نفس الشيء ادعى. ماني ادعى إنو آدم كان مانوي و نفس الشيء صاحبنا محمد. ماني ادعى إنو الكتاب المقدس هو قد نسخه لا بحاجة لدراسة الكتاب المقدس فقط كتب ماني منها: KAPHALAYA OF THE DESCIPLES
يعني ما بدناش ندخل في التفصيل ومحمد نفسه ادعى أنه كمان نفس الشي نسخ.. لكن هاي فكرة هزيلة أنه إذا واحد في السعودية بيقول إنو رسم رسمة عن السما و إنو كل ما نريد أن نفهم عن السما موجود في لوحته، لا نحتاج أن ندرس النجوم، لا نحتاج أن نعمل أبحاث، لا نحتاج.. طبعا بتكون فكرة هزيلة.. و كلمة الله لا تحد. بيقول " لكل كمال وجدت حدا أما كلمتك فواسعة جدا" فكيف يأتي ماني و من ثم بعدين محمد فينسخ كلمة الله. و ماذا نسخ؟ يعني مثلا مش موجود بناء عن أشعياء شيء و هي مليئة بالنبوات عن موت المسيح وعن لاهوت المسيح، مفيش شيء عن معظم الأنبياء شيء كلمات تكرارية. إلي بدي أقوله في كثير في القرآن من ماني، مثلا فكرة على السماء سما عليها في سورة فصلت و هي دخان ففتقها إلى سبع سموات و سبع أرضين، ماني بيقول إنو الشياطين كانت عبارة عن دخان فأجت أم الحياة، واحدة من ألوهيات ماني وفتقت هذه الشياطين إلى عشر سموات و ثمان أرضين يعني لو بدي أحكي لك أديش في تشابه. بس هاي واحدة المانوية لكن لننظر إلى النصرانية. طبعا بعد ما محمد مات ورقة صار يفتش على مصادر النصرانية. و الكتب الإسلامية بتقول إنو كان إروح عند جبر الخضرمي، جبر واحد مولى عند عائلة الخضرمي و كمان كان عندهم واحد اسمه يعيش، و كان يروح عند شخص آخر اسمه بلعام. و كان هدولا يدرس الكتب و هدولا دراساتهم دراسات شعوذيية..يعني دراسات خرافية. مثلا فكرة إلى ناموا الدهر.

********************************
بدعة مانى هى مصدر من المصادر التى أخذ منها محمد ديانته !
من هو ماني ؟
المانوية -أو المنانية كما ذكر النديم في الفهرس- ديانة تنسب إلى ماني بن فتك المولود في عام 216 م في بابل. ولد مانى في جنوب بابل (العراق) عام 215م – 275 م فى زمان سابور بن أردسير( أو أزدشير) (215-276) أمبراطور بلاد الفرس وكان أسيراً لدى الفرس فلما عتق من هناك تبنته عجوز أنفقت على تعليمه بين المجوس فدرس علومهم وفنونهم فدرس الفلك ( ولكنه لم يتعمق فيه ) وكانت له ميول فنية فى التصوير ودرس الطب والفلسفة , وأطلق لمخيلته العنان فتوسع فى تصوراته للغاية , وقال أن الوحي أتاه وهو في الثانية عشر من عمره. 
ثم أعتنق المسيحية وكان فى بداية إيمانه يتباهى بأنه أصبح مسيحياً وكان يفسر الأسفار المقدسة ويجادل اليهود والوثنيين وبدأ يقارن بين العقيدتين المسيحية والفارسية فأخذ ما يراه مناسباً من العقيدتين وأستنبط منهما عقيدته التى هى خليط من المسيحية والمجوسية فأقام صلة بين ديانته والديانة المسيحية وكذلك البوذية والزرادشتية، ولذلك فهو يعتبر كلاً من بوذا وزرادشت ويسوع أسلافاً له ، وقد كتب ماني عدة كتب من بينها إنجيله الذي أراده أن يكون نظيرا لإنجيل عيسى. أتباع المانوية هم من تعارف عليهم أولا بإطلاق لقب الزنادقة. ومانى نتيجة لتربيته المجوسية فقد نادي بديانة جديدة كانت عبارة عن خليط من عقائد ومبادئ درسها مثل البوذية والزرادشتية فأخذ ما أعجب به منهما ومزجه مع العقيدة المسيحية بحيث ترضى هذه الديانة أصحاب العقائد الثلاث السابقة - وخرج بدين جديد هوالمانوية من هذه الأديان الثلاثة التي تأثر بها غاية التأثر فقد جعلها ديناً واحداً جامعاً يشترك أتباع هذه العقائد فى التوحيد المانى وأعتقد أنه هو البارقليط وأتخذ لنفسه 12 تلميذاً و 72 أسقفاً ممثلاً السيد المسيح , وكان تحت كل أسقف قسوس وشمامسة وأرسلهم إلى بلاد الشرق بأسرها حتى الهند والصين لينشروا تعليمه , وكان فى هذه البلاد الكثير من الوثنيين والمسيحيين فإنخدع كثيرون بتعليمه وتتلمذ وآمن به عدد عظيم من الناس .

قتل مانى

ثم أنكب يدرس السحر لكى يكتسب شهره بالنبوة وأخذ يعالج أبن ملك الفرس حيث عجز الأطباء عن شفائه , ولكن مات الصبى وهو تحت يده يعالجه بالسحر , فألقاه أمبراطور الفرس فى السجن أنتظاراً لحكم الموت , ولكنه رشى الحراس فمكنوه من الهرب , وذهب إلى فلسطين وبدأ ينشر هرطقته ثانية فقاومة أحد الأساقفة وأخبر الناس بتعاليمه الفاسدة وأخيراً طرده خوفاً من أن يضل الشعب فذهب إلى العربية فوصلت الأنباء لأمبراطور الفرس بوجوده هناك فأرسل جندا قبضوا عليه ثم سلخ جلده وهو حى برؤوس القصب , ثم ألقى جسده للوحوش الضارية التى إلتهمته , ثم حشا جلده تبناً وعلقه على باب المدينة .

أنتشار ديانته

 ولم تنتهى عقيدة مانى بموته بل ضاعف تابعيه مجهوداتهم , وبدلاً من أن يخافوا وينكمشوا أمتدوا وطاف أغناهم وأعظمهم وأفصحهم سوريا وفارس ومصر وأفريقيا والهند والصين , وبصرامة نظامهم وآدابهم وبساطة ديانتهم وأحتوائها على الكثير من الديانات الثلاث الكبرى فى ذلك الوقت أمكنهم أن يتلمذوا فى كل مكان ومع الإضطهاد الذى لا قوه لا يزال نسلهم باق للآن فى الجبال بين فارس والهند . 

وعن ماني وديانته يذكر د.امام عبد الفتاح امام فى احدى هوامش كتاب المعتقدات الدينية لدي الشعوب الذى قام بترجمته للباحث جفرى بارندر:
" معني كلمة ماني بالفارسية:"الفريد , النادر". وهو ماني بن فاتك مؤسس الديانة المانوية التي كانت مزيجا من الزرادشتية واليهودية والمسيحية. وكان أبوه من رجال همدان " هاجر الي بابل وولد ماني هناك, ادعي النبوة بعد ان أتطلع على الأديان الموجودة وسمي نفسه " فارقليط" الذى اخبر عنه المسيح .
ويعتقد المانويون – نتيجة لتأثير من الديانة الزرادشتية – أن ثمة صراعاً أبدياً بين النور والظلام أو بين الخير والشر تضاد بامتياز. وما يميز هاتين الديانتين المتأثرتين بالثقافة الهندية هو ميلهما العميق للزهد وازدراء المادة. وقد استمرت الديانة المانوية في الوجود حتى القرن الثالث عشر الميلادي
ويقول الدكتور عاطف شكري أبو عوض فى كتابه (الزندقة والزنادقة).دار الفكر-الأردن-عمان:  "نشأ مانى زاهدا متعبدا لا يأكل اللحوم ولا يتناول شيئا من الخمور إلى أن أوحى إليه ، وذكر عن نفسه أن الوحى نزل عليه فى الثالث عشر من عمره وجدد نزوله ثانية فى سن الخامسة والعشرين . . . وزعم أنه البرقليط الداعى الى الحق والهدى بعد عيسي عليه السلام ، بعد إقراره بنبوة عيسي وزرادشت

محتوى البدعة المانوية

وقد قال ماني بأنّ العالم هو تحت سيطرة قوتين هما الخير والشر. وزعم أنّ العالم مصنوع من أصلين أحدهما النور والآخر الظلمة، وأنهما أزليان حتى ذهب أصحاب هذه البدعة إلى القول أن ليس في وسع المرء أن يخلص من هاتين القوتين، وبهذا وجد أغسطينوس ما يبرر سلوكه الشهواني الفاجر فكان هذا المذهب كفيلاً بإشباع حاجته المزدوجة: السعي وراء بلوغ اليقين والركض من إشباع نفسه باللذة والشهوة الجسدية. إلى أن فطن لهذا المذهب بسبب الإشكالات التي يطرحها دون أن يقدم أي جواب لها. فبدأ الشك يراوده بالنسبة لصحة العديد من تعاليم شيعة المانوبة، إلى أن اهتدى إلى كتب الشكاك (الاحتمالية) من رجال الأكاديمية الجديدة التي يقول أصحابها أنه من العسير على المرء أن يتوصل إلى معرفة يقينية ثابتة غير قابلة للجدل والشك، فكانت هذه النطرية موآتية لحالة أغسطينوس النفسية. فعكف على قراءة كتبهم والتنقيب فيها ومناقشة آرائهم، حتى ظن أنه اقتنع بفلسفتهم في استحالة الوصول إلى اليقين وضرورة الإقلاع عن كل بحث يستهدف المعرفة
كانت الامبراطورية الساسانية اكثر مركزية بكثير من سابقتها. وقد اصبحت الزرادشتية دين الدولة. غير انه خلال حكم نظام شحبور الاول ظهر زعيم قاد حركة دينية عندما اعلن مافي نفسه اخر و اعظم رسول للمسيح. و لكن تم اعدامه و اطلق على دينه في ما بعد اسم المانوية. و قد بلغ الاستغلال و الاضطهاد في ظل المملكة الساسانية قمته و بلغت العبودية حدودها النهائية و دخلت في ازمة. و حدثت هجرة هائلة من الفلاحين الفقراء الى المدن بسبب الجور الذي لا يحتمل للنبلاء الاقطاعيين. وفي المدن عولوا معاملة العبيد. و فجاة ادى تراكم الاضطهاد الى انفجار اتخذ شكل حركة ثورية قادها مازداك

روى موسيهم المؤرخ عن المانوية (1) : " أن ديانته مؤلفة من تعاليم المسيحية وفلسفة الفرس القديمة التى تلقنها وهو صغير , وما تكلم به الفرس عن ملكهم ميثراس تكلم به مانى عن المسيح فعلم بأنه يوجد لكل شئ مادتان الواحدة نور وألخرى ظلمة وللأثنين ربان رب النور سمة الإله ورب الظلمة سمة الشيطان وكلاهما متاضدان فى الطبيعة والأميال , ولأن إله النور سعيد فهو رحوم محسن ولأن إله الظلمة شقى يسعى ليجعل الغير أشقياء وكل واحد منهما أوجد طائفة كبيرة من نسله على شكله ووزعها فى مملكته .

وإستمر إله الظلمة مدة طويلة لا يعلم بوجود نور أو إله له ولكنه شعر بذلك من حرب حدثت فى مملكته فحاول أن يستولى على إله النور فعارضه هذا بجنوده , غير أن قائدهم المدعو الأنسان الأول لم ينجح وتمكن جنود الظلمة من أخذ جانب من أخذ جانب عظيم من العناصر السمائية ومن النور ذاته الذى هو مادة حيوية فمزجوها بالمادة الفاسدة فقام من جنود النور قائد آخر يسمى بالروح الحى , ومع أنه نجح كثيراً إلا أنه لم يتمكن من تحرير مادة النور التى مزجت بالعناصر الرديئة , وبعد ذلك أوجد إله الظلمة آدم وحواء فكل مولود من هذا المزيج قائم بجسد من المادة الفاسدة وبنفسين إحداهما شهوانية من إله الظلمة والأخرى عقلية خالدة لأنها من النور الإلهى , ولما صنع رئيس الظلمة الناس من عقول غطاها بالأجساد خلق إله نور بواسطة الروح الحى أرضنا هذه المادة الرديئة وجعلها مسكناً للجنس البشرى ووسيلة لتمهيد طريق تخليص النفوس تدريجياً من أجسادها وإفراز الجيد من الردئ .

ثم اخرج الإله بعد ذلك من نفسه كائنين وهما المسيح والروح القدس لأعانة النفوس المغشاة بالأجساد , فالمسيح هو الشخص الذى يدعوه الفرس ميثراس وهو مادة سامية جداً من أنقى نور الله واجبة الوجود حيوية فائقة الحكمة مسكنها الشمس , وكذلك الروح القدس مادة حيوية براقة منتشرة فى كل الجلد المحيط بأرضنا يدفئ نفوس البشر ويبهجها ويجعل الأرض مثمرة ويخرج منها تدريجا نطفات النار الإلهية المنتشرة وينهضها حتى ترجع إلى عالمها التى أتت منه .

وبعد ان انذر الله طويلاً النفوس المحبوسة فى الأجساد بواسطة ملائكة وإناس علمهم مشيئته أرسل أخيراً المسيح ابنه وأنزله من الشمس إلى عالمنا هذا لكى يسرع برجوع الناس إلى وطنهم السماوى , فظهر المسيح بين اليهود لابساً صورة وظل جسد أنسانى , لا جسداً حقيقياً , وأعلن لهم الواسطة الوحيدة لخلاص النفوس من اجسادها وبرهن عن لاهوته بعجائبة .

ولكن إله الظلمة أغوى اليهود ليصلبوه , ولما لم يكن له جسد لم تؤثر عليه الألام ولكن اليهود حسبوه صلب فرجع المسيح إلى الشمس مسكنه الأول بعد ان ترك تلاميذه لتعليم الناس ديانته ووعدهم بإرسال رسول أعظم يفصح عن حقائق أسمى وهو البارقليط الذى يدعى مانى بأنه هو .

والذين يؤمنون بألوهية المسيح ينبغى أن لا يعبدوا إله اليهود وهو غله الظلمة , وان يطيعوا شرائع المسيح التى أوضحها مانى ويقاومون بثبات شهوات النفس الشريرة , وهكذا يتخلصون شيئاً فشيئاً من مادة رئيس الظلمة الفاسدة , غير أن كمال التطهير لا يفوز به الأنسان فى هذه الحياة بل بعد الموت يحصل للنفس تطهيران الأول بالماء المقدس الموجود فى القمر ويلبثون فيه خمسة عشرة يوماً والثانى بالنار المقدسة الموجودة بالشمس وهذه تطهرهم تماماً أما الأجساد فتنحل إلى عنصرها الأصلى .

أما النفوس التى لم تهتم بالتطهير فتسكن بعد الموت أجساد البهائم والبشر حتى تطهر , والأكثر إنحطاطاً يسلمون للأرواح الشريرة المقيمة فى جلدنا ليعذبوا زماناً ما , وحين تتحرر أكثر النفوس وترجع إلى عالم النور فحينئذ بأمر الإله فتخرج نار جهنم من مقرها وتحرق وتلاشى هذا العالم .

وبعد ذلك يرغم رئيس الظلمة وجنوده على الرجوع إلى مقرهم الأصلى ويدومون فيه فى حال الشقاوة ويحاطون بحرس قوى من النفوس التى يئست من خلاصها حتى لا يقووا على محاربة اله النور ثانية .

ولكى يجعل مانى سبيلاً لقبول مبادئة : رفض أكثر العهد الجديد معتقداً بانه حرف عن أصله ورفض العهد القديم الذى يعتبره من إنشاء إله الظلمة الذى يعبده اليهود ووضع انجيلاً أسماه " أرتن " مجاهراً بأنه موحى به إليه من إله النور , ثم وضع لتابعيه عيشة صارمة فأمرهم بممارسة كل ما يضعف الجسد الذى هو عمل رئيس الظلمة , وقسم تابعيه إلى قسمين المختارين الذين ينبغى أن يتمتعوا من اللحم والبيض والحليب والسمك والخمر وكل أنواع المسكرات والزواج زكل تمتع ناتج من مخالطة الذكور والأناث والسامعين وقد صرح لهم بإمتلاك البيوت وبأكل قليل من اللحم والتزوج بنساء , ويغلب أن المختارين هم الأساقفة والقسوس والشمامسة والعلمانيين هو " السامعون "

ويقول آباء الكنيسة أن مانى هو الذى كان يتنبأ عنه الرسول بقوله : "  وَلكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إِنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ، 2 فِي رِيَاءِ أَقْوَال كَاذِبَةٍ، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ، 3 مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا الإِلهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ. " ( 1 تى 4 : 1- 3)  
**********************************************

بدعة مانى  فى عصر الأمبراطور بريوس ظهر أنسان ردئ يسمى مانى وفعل أفعالاً رديئة وجدف على الرب ضابط الكل وعلى الأبن الوحيد وعلى الروح القدس المنبثق من ألاب وجسر على القول أنه (أى مانى ) هو البارقليط , وكان مانى عبداً لأمرأة أرملة ثرية جداً وكان قد آوت رجلاً ساحراً مشهور من أهل فلسطين , ولكنه وقع من فوق السطح ومات , فلما أصبحت وحيدة أشترت هذه المرأة ذلك العبد السوء (يقصد مانى ) فعلمته المرأة الكتابة والقراءة أيضاً فعلمته ما تعرفه فلما كبر أعطته كتب السحر التى كان الساحر يستعملها , فلما قرأها وعرف منها السحر ذهب إلى الفرس الذين كانوا يشتهرون بالسحر فى ذلك العصر ومن هناك ذهب إلى المكان الذى يجتمع فيه السحرة والعرافون والمنجمون , فتعلم هناك الألاعيب الشيطانية وأصبح حاذقاً فى العلوم الشيطانية وعرف علوم السحر كلها فى المنطقة الممتدة من فلسطين إلى فارس فظهر له الشيطان وقواة وحبب له مقاومة الكنيسة , فأضل قوماً بسحرة , وحمل الناس الأموال إليه  وأشترى صبياناً وصبايا يخدمون شهواته النجسة . وكان يستعبدهم بسحرة ويضل جماعة من الناس ويقول لهم أنه البارقليط الذى وعد به السيد المسيح فى أنجيل يوحنا بإرساله .

وكان هناك أنسان مسيحى غنى أسمه مرقاس رئيس مدينة فى أحدى مدن الشام , وكان أسقف مدينته أسمه أرشلاوس , وكان مرقاس معه روح وبركة أبراهيم وأسحق ويعقوب وهو تلميذ فى الكنيسة وهو يتواجد فيها بصورة مستمرة فى صلوات العشية وباكر وكان مع غناه مثل الفقير الذى لا شيئ له , وكان يسمع مواعظ الأسقف كما يجب ويفعل الخير من ماله مع أهل مدينته , وكان بابه مفتوح لكل من يأتيه من المساكين والمظلومين بسبب الخراج ( الضرائب) وغيرهم وكان مثل أيوب قديس العهد القديم , ولما أستولوا الفرس على ضيعة (بلد) قريبة منه وأخربوا البلد وقتلوا كثيراً من أهلها فذهب إليهم أهل المسبيون وسألوه أن يصنع معهم رحمة فأجاب سؤالهم بمحبة فأستدعى قائد الفرس وأخذ منه عدداً من المسبيين فلما حضر إليه أخرج له ولمن معه من الجند مالاً وقال لهم خذوا ما شئتم عن هؤلاء المسبيين فلما رأوا أنه يفعل الخير لهؤلاء الناس ولن يستفيد هو شيئاً لأمتنعوا عن أخذ المال كله وقالوا : " لن نفعل كما قلت ولكن أدفع أنت ما شئت للرجال الجنود الذين معنا  " فأتفقوا بينهم على ثلاثة دنانير عن كل شخص مسبى فخلص جميع المسبيين الذين كانوا معهم , ودفع المال عنهم , وتسلم السبى من الفرس وأعالهم سبعة أيام وكان يمر ويعالج المرضى مثل أولاده , وأرسسلهم إلى بلدهم ودفن من قتله الفرس , ثم بنى للأحياء الذين ليس لهم مأوى مساكن وأطمأنت قلوب أهل البلد وبنى لهم كنائس بدلاً من التى هدمها الفرس , وكان ما فعله هذا الرجل العظيم موضع حديث كل الشام وكثر ماله وحصل على محبة أهل بلدته ولما سمع الهرطوقى مانى عنه ففكر وقال : إن أنا أقنعته وأنضم لى فجميع أهل الشام يكون تحت أمرى وينضموا إلى " فكتبوا إليه رسالة يقول له فيها : " البارقليط مانى يكتب إلى مرقاس أنى سمعت عن جودة أعمالك فعرفت انك تكون لى تلميذ مصطفى لى لأعرفك الطريق المستقيم الذى أمرنى المسيح لأعلم الناس بها والآن فقد أضلكم معلموكم إذ يقولوا ان الإله حل فى بطن أمرأة وقال الأنبياء قولاً غير الحق عن المسيح لأن إلاه العهد القديم شرير لا يريد أن يؤخذ منه شئ أما إلاه العهد الجديد فهو إلاه صالح إذ أخذوا منه لا يصيح ولا يسمع صوته .. "  وقال كلاماً كثيراً فيه تجديف ولا يجوز ذكره ولم يقل الشيطان مثله , وسلم الرسالة إلى واحد من أتباعه  وذهب ليسلمها إلى مرفاس , فلما سار الرسول فى طريقه فى الشام لم يقبله أحد فى طريقه ليأويه عنده ولم يبيع أحد له غذاء فى الطريق فجاع وكان يأكل الحشائش ووصل بصعوبة إلى مرقلس فلما اخذ مرقلس الرسالة وقرأة ثم أرسلها إلى الأسقف أرشلاوس وجعل الرسول فى مكان وقام وذهب إلى الأسقف ثم أرسل إلى الرسول ليأتى إلى الأسقف الذى سأله عن سيرة مانى هذا وكيف حاله .. فأعلمه الرسول , ولكن الرسول عندما علم بحسن ضيافة الأسقف ومرقلس وطيبتهما وأعمالهما الحسنة رغب ألا يغادر المكان ويقيم عندهما عندما سمع كلامهما المختلف عن مانى , ولكن عرض مرقلس عليه بالرجوع بجواب الرسالة ودفع للرسول ثلاثة دنانير , فقال أغفر لى يا سيدى : " أننى لن أعود إليه " ففرح بخلاص نفسه من شباك هرطقة الموت , وكتب مرقلس إلى مانى بجواب وبعثه غليه مع أحد عبيده , وقال الأب أرشلاوس لهذا العبد : " لا تأخذ منه شيئاً ولا تأكل ولا تشرب عنده " ولكن بعد سبعة أيام وجدوا مانى قد وصل إلى المدينة التى بها مرقلس وكان يلبس أسكيماً وأستخارة (يعتقد قميص شفاف من تحته ) ويلبس عليهما رداء نازل على رجليه مزين بصور من قدامة وخلفه وكان يصحبه 32 صبياً وصبية يمشون أمامه وخلفه , وعندما دخل منزل مرقلس ذهب مباشرة إلى كرسى فى وسط المنزل وجلس عليه , وكان مانى يظن أنهم أستدعوه ليتعلموا منه , فأرسل مرقلس وأستدعى الأسقف أرشلاوس , فلما حضر ورأى مانى جالساً فى وسط المنزل تعجب على قلة حيائة , فسأله ألأسقف أرشلاوس قائلاً : " ما هو أسمك ؟ " .. فقال : " أسمى البارقليط " قال له أرشلاوس : " أنت البارقليط الذى قال السيد المسيح يرسله إلينا " .. فقال : " نعم " فقال الأسقف : " كم عمرك ؟  " قال 35 سنة " فقال أرشلاوس الأسقف : " المخلص المسيح قال لتلاميذة : وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا « مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي، 5 لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ  " ( أع 1 : 4 - 5 ) والبارقليط الذى هو الروح القدس بعد عشرة ايام من صعودة كما قال حل البارقليط على الرسل فى عيد العنصرة , وهو بعد تمام 50 يوماً بعد الفصح , وإذا كنت أنت البارقليط فبلا شك لكان ما زال التلاميذ ينتظرونك فى أورشليم , وهذا الأمر من السيد المسيح مر عليه 300 سنة ولكن التلاميذ خرجوا من اورشليم وبشروا بعد أن حل عليهم الروح القدس وخرجت أصواتهم فى جميع الأرض وأنتهى كلامهم إلى اقطار المسكونة , لو كان الأمر كما قلت ما كانوا بشروا ولظلوا احياء فى أورشليم إلى الآن , ومن أين رأيت السيد المسيح وعمرك 35 سنة فقط , وشيئاً آخر لقد أمر السيد المسيح ألا نجلس فى صدور المجالس , وها أنت قد جلست فى أعلى موضع فى البيت ..

فقال له مانى : " أليس الأنجيل يقول : " أنى أرسل إليكم البارقليط " فقال له أرشلوس : " إن كنت تؤمن بالأنجيل فهو يقول للسيدة العذراء مريم : " فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: « اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ الإِله "  ثم أحضر رسالته التى أرسلها إلى مرقلس وفيها يجحد ميلاد المسيح من أمرأة وينكر موته وقيامته من بين الأموات , فبدأ مانى يتكلم ويقول بهرطقته : أنه إلاهين أحدهما للنور والآخر للظلمة وكثيراً من أفكاره الهرطوقية " فقال له الأسقف أرشلاوس   : إذا أنا أفحمتك على مقدار كذبك فأنت تثبت لى  عن أفكارك بحجج ولكنى سأحضر لك أمه لا يعرفون إله السماء ليفحموا كلامك " وأرسل وأحضر رجلين أحدهما طبيب , والآخر كاتب وقالا لهما اسمعا ما يقوله ما يقوله هذا الرجل : " هل فى كتبكم كلام تقبلونه وكلام ترفضونه " فقالا : " إذا كان فى كتبنا فسوف نقبله ولا نرفض منه شيئاً ولكن إذا أختلف عما هو موجود فلن نستطيع قرائته ولن نقبله " فقال الأسقف لهما : " هذا الرجل (مانى) يبشر ويقول : أنه تلميذ المسيح ويرفض أوامر المسيح " فقالا له : " لن نقبله ولن نقترب من شئ يفعله " وهنا تكلم مانى وسمع جميع الحاضرين تجديفه ووثبوا عليه ليقتلوه , فمنعهم الأسقف وقال لهم : " نحن لا نمد أيدينا بالدماء : " يقتل بيد غيرنا " ثم نفاة من المدينة وقال له : " أحذر أن تحضر إلى منطقتنا لئلا تموت " .

وخرج من بيت مرقاس والمدينة التى يرأسها وذهب إلى بلدة أخرى بها قس يحب أضافة الغرباء فأضافه عنده وآواة لمدة شهر ولم يكن يعرفه فبدأ مانى يكلم القس عن بدعته وهرطقته الرديئة .. فقال له القس : " لم أسمع قط بهذا الكلام , ولكنى سأرسل إلى أرشلاوس ليأتى ويسمع منك ما تقوله , فإن كان صحيحاً قبلناه " فلما سمع مانى أسم أرشلاوس قلق لذلك لمعرفته بشجاعة هذا الأسقف وحكمة الرب التى فى فمه , فقرر مغادرة الشام وعودته إلى بلاد فارس .

ويقول الأنبا ساويرس أبن المقفع فى تاريخ البطاركة : " وذهب مانى إلى بلاد فارس وأستمر على عادته فى النجديف فحكم عليه البارقليط الحقيقى بحكمته وسلط عليه أمبراطور الفرس .. فسلخ جلده ورماه للوحوش فأكلوه .

********************************************************
وقد ذكر المؤرخ الكنسى يوسابيوس القيصرى هذه البدعة تحت عنوان " هرطقة النانيكيين المضلة التى بدأت وقتئذ " (2) وقال

1 - فى هذا الوقت ظهر ذلك الرجل المجنون (3) وأسمه مشتق من هرطقتة الجنونية , وحصن نفسه بقلب أوضاع عقله وتفكيره , كما أبرزه أبليس / الشيطان عدو الرب , لهلاك كثيرين , وقد كانت حياته وحشية فى القول والفعل , وطبيعته شيطانية جنونية , ونتيجة لهذا تظاهر بموقف كموقف المسيح , وإذ أفتح جنونه نادى نفسه بأنه البارقليط الروح القدس نفسه ومن ثم أقتدى بالمسيح ( فى الشكل الإدارى فقط ) فإختار 12 تلميذاً كشركاء له فى تعليمه الجديد.

2 - ومزج معاً تعاليم مزورة وكفرية , جمعها من بعض الاباء الإلحادية التى أنقرضت منذ عهد طويل , وبعث بها , كسموم قاتلة , من الفرس إلى هذا الجزء من العالم الذى نعيش فيه , وإليه يرجع ذلك الأسم البغيض " المانيكيون" الذى لا يزال سائداً بين كثيرين .

هذا هو أساس ذلك " العلم الكاذب الأسم " الذى برز وقتئذ .

==========================

المـــــــــــــــراجع

(1) تاريخه للكنيسة ص 115 : 3 - 10

(2)  تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب السابع الفصل 31

(3) كلمة مانى معناها الرجل المجنون , وقد ظهر فى أواخر القرن الثالث , وكان فيلسوفاً من بلاد الفرس , حاول إيجاد ديانة الفارسية والبوذية والمسيحية , وقد رحب به سابور الأول ملك الفرس فى بداية الأمر , ولكن كهنة المجوس ثاروا ضده فأضطر إلى الهروب من البلاد ( يعتقد أنه ذهب إلى الشام التى كانت تحت الحكم الرومانى ) , ولكنه عندما عاد تبعه جمع كثير ولكن الملك فارانس الأول حكم عليه بالأعدام سنة 276 م , وقد أنتشرت طائفته بسرعة بين المسيحيين وظلت أجيالاً عديدة , ومما جعلها محببة للكثيرين من المفكرين هو غموض تعاليمها , وإحكام نظامها , وتظاهرها بحل مشكلة الشر , ومظهرها نحو القداسة والتقشف , ونظريتها الأساسية الأعتقاد بوجود إلهين . إله للخير (النور) وإله الشر (الظلمة) , ومن الفلاسفة الذين انضموا إلى هذه البدعة بينهم أوغسطينوس
فيما يلى جزء من كتاب الـتـاريـخ الـكنسـى" للمؤرخ سُقراتيس سكولاستيكوس (ق4م) عـن الفترة 306م - 43 ترجمهُ من اليونانية إلى الانجليزية ايه. سى. زينوس - تعريب الدكتور الأب/ بـولا ساويرس  - مراجعة نيافة الحَبْر الجليل الأنبا/ إبيفانيوس اسقف ورئيس دير الأنبا مقار -
*******
الكتاب الأول: الفصل الثانى والعشرون
(مانيس مؤسس الهرطقة المانية وأصله)
(1/22/1) ولكن فى وسط هذه الحنطة الجيدة كان من المعتاد أن ينبت زوان، لأن الشرير يعشق الكيد ضد الخير. لذا حدث قبل زمن قنسطنطين بوقت قصير أن ظهر نوع من المسيحية الوثنية إلى جانب المسيحية الحقيقية، مثل الأنبياء الكذبة الذين يبرزون بين الأنبياء الحقيقيين والرسل الكذبة وسط الرسل الحقيقيين.
(1/22/2) لأنه فى ذلك الوقت تدثرت عقيدة امبِدوكلس Empedoclesالفيلسوف الوثنى بواسطة مانيخيوس Manichæus([64]) بشكل العقيدة المسيحية. لقد ذكر يوسيبيوس بامفيليوس هذا الشخص فى الحقيقة فى الكتاب السابع من "تاريخه الكنسى"، ولكنه لم يتعرض للتفاصيل الدقيقة الخاصة به. لذلك أحسبه من الملائم لى أن أقدم بعض الخصوصيات التى تركها بدون إشارة، لكى ما يكون معروفا جيدا مَن هو مانيخيوس، ومن أين أتى وما هى طبيعة فرضياته الجريئة.
(1/22/3) تزوج أحد الساراسيين([65]) ويُدعى سكيثيان من إمرأة أسيرة من طيبة العليا، وأقام بسببها فى مصر، وتمرس على علوم المصريين، فأدخل بمكر نظرية امبدوكلس وفيثاغورس بين عقائد الايمان المسيحى. مؤكدا أن هناك طبيعتان، واحدة صالحة والأخرى شريرة. واصطلح على نعت الأولى بالصديقة، والثانية بالمضادة مثلما فعل امبدوكلس. وكان سكيثيان هذا تلميذا لبوداس([66]) الذى كان يُدعى قبلا تربنثوسTerebinthus. وكان قد توجه إلى بابيلون حيث كان يعيش الفارسيون، وأذاع عبارات كثيرة مغالى بها عن نفسه مُعلنا أنه قد وُلِد من عذراء ونشأ فى الجبال.
(1/22/4) وهذا الرجل عينه، ألَّف فيما بعد أربعة كتب: دعا الأول السرائر، والثانى البشارة، والثالث الكنز، والرابع الرؤوس([67]). وتظاهر بإنجاز بعض الطقوس السرية، ثم انحدر إلى الهاوية بالروح([68]) وهلك. ودفنته إمرأة ما كانت تقيم فى منزله، واستولت على ممتلكاته واشترت صبيا يبلغ من العمر نحو سبع سنوات اسمه كوبريكوس اعتقته وعلَّمته تعليما حرا، وسرعان ما ماتت تاركة له كل ما قد ملكته من تربنثوس، بما فى ذلك الكتب التى كتبها عن المبادىء وغير المحفوظة لدى سكيثيان. وانسَّل كوبريكوس الرجل المحرر إلى فارس وغير اسمه إلى مانيس ونشر كتب بوداس أو تربنثوس بين أتباعه المعجبين به على أنها من كتبه.
(1/22/5) والآن، تتفق محتويات هذه المقالات ظاهريا مع المسيحية فى التعبير، ولكنها وثنية فى المفاهيم. لأن مانيس كان ملحدا فعلَّم تلاميذه الاعتراف بثنائية الآلهة وأمرهم أن يعبدوا الشمس، وأدخل أيضا عقيدة القدر منكرا الإرادة البشرية الحرة، وأكد تبدل الأجساد([69]) transmutation تابعا بجلاء امبِدوكلس وفيثاغورس والمصريين. وأنكر أن المسيح وُجِد فى الجسد مؤكدا أنه كان شبحا، ورفض أكثر من ذلك الناموس والأنبياء ودعَى نفسه المعزى، وكانت كل عقائده بالإجمال ضد ايمان الكنيسة الأرثوذكسي. وتجاسر أن يدعو نفسه فى رسائله بالرسول. ولكن نظرا لهذا الادعاء غير المؤسس جلب على نفسه القصاص الذى يستحقه على النحو التالى:
(1/22/6) حدث أن داهم المرض ابن ملك الفرس، فقلِق أبوه من أجل شفائه ولم يدع وسيلة لم يستخدمها من أجل هذا الغرض. فلما سمع عن مانيخوس صانع العجائب وظن أن هذه العجائب حقيقية أرسل اليه كرسول واثقا أنه بواسطته سيُشفى ابنه. فتقدَّم هو بدوره بنفسه للبلاط، وإدعى أنه سيتعهد بشفاء الأمير الشاب. ولكن الفتى مات بين يديه، فأمر الملك بسجنه بقصد إعدامه. ومع ذلك فلح فى الهرب، فهرب إلى بلاد ما بين النهرين. ولكن ملك الفرس عندما علِم بأنه يقيم هناك أمر بإحضاره بالقوة، وبعد القبض عليه سلخ جلده وعلَّقه على بوابة المدينة.
(1/22/7) هذه الأمور التى ندونها لم نختلقها نحن من أنفسنا ولكننا استخلصناها من الكتاب المعنون "مجادلات ارخيلاوس اسقف كاشرا"([70]) Caschara (وهى إحدى مدن ما بين النهرين) لأن أرخيلاوس نفسه يدون أنه قد جادل مانيخيوس وجها لوجه ويذكر الظروف المرتبطة بحياته التى أشرنا إليها الآن. وهكذا ابتهج الشرير كما لاحظنا سابقا، فى العمل بخبث فى وسط حالة الأمور المتيسرة.
(1/22/8) ولكن ما سبب سماح صلاح الله بحدوث مثل هذا الأمر، سوى أنه يرغب فى تنشيط مبادىء الكنيسة السامية بهذه الوسيلة، ولكى يقضى تماما على الأهمية الذاتية التى تمنع الارتباط بالايمان. وإلاَّ ما هو السبب الآخر فى نفس الوقت وهو سؤال صعب وليس ملائما للمناقشة الحالية. لأن غايتنا ليست مناقشة صحة الآراء العقيدية، ولا أن نحلل الأسباب السرائرية للعناية الإلهية والقضاء الإلهى، ولكن أن نفصل على قدر الامكان تاريخ المعاملات التى جرت فى الكنائس.
(1/22/9) وهكذا وصفنا خرافات مانيخيوس التى برزت قبل زمن قنسطنطين بوقت قصير. والآن لنعد إلى الازمنة والأحداث المناسبة لموضوع هذا التاريخ.

 

This site was last updated 02/12/18