Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

حياة ونشأة أوريجانوس أشهر علامة القبطى فى التاريخ

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
Untitled 410

******************************************************************************

هذا الجزء لحياة أوريجانوس العلامة القبطى مأخوذ من مؤرخ كتبها فى القرن الثالث - الرابع الميلادى  تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى ك 6 : 2و2و3 مع بعض التعديل فى لغته

*******************************************************************************

   الفصل الأول

 

الإضطهاد الذى حدث فى عهد ساويرس (1)

 

عندما بدأ ساويرس يضطهد الكنيسة قدم أبطال المسيحية أرواحهم كشهداء أمجاد فى كل مكان , هذا كان  هو الحال خاصة فى الإسكندرية التى كانوا يحضرون إليها , مثل ما يفعلون فى أعظم مسرح - فمن كل أرجاء مصر وثيبيس بأبطال الرب الإله كل منهم حسب إستحقاقة , فينالون الأكاليل من الرب بصبرهم وإحتمالهم التعذيب الشديد وكل أنواع الموت , وكان بين هؤلاء ليونيدس الذى هو أبا أوريجانوس , وقد قطعوا رأسه بينما كان أبنه لا يزال حديث السن , وهنا لا يفوتنا أن نبين بإختصار : كيف كان ميل هذا الأبن عظيماً جداً للكلمة الإلهية بسبب تعليم أبيه له , وذلك لأن شهرته قد فاقت كل حد عند كثيرين .

 

الفصل الثانى

 

تربية أوريجانوس وتهذيبه (2) منذ الطفولة

 

1 - من الممكن ذكر كثير من التفاصيل عند محاولة وصف حياة هذا الرجل وهو فى المدرسة , على أن هذا الموضوع وحده يحتاج إلى سفر (كتاب) خاص , ومع ذلك , فإننا فى هذا الكتاب الذى يتطلب الإيجاز فى معظم ما نذكره , سوف نذكر بعض الحقائق القليلة عنه على قدر ما يمكن الإيجاز به , بجمعها من بعض الرسائل , ومن أقوال بعض أشخاص لا يزالون أحياء وكانوا على صلة به .

2 - وإن ما رووه عن أوريجانوس لهو حليق بالذكر , حتى منذ أيام طفولته الأولى .. حيث كان ذلك فى السنة العاشرة من ملك ساويرس , إذ كان ليتوس والياً على مدينة الأسكندرية وسائر أرجاء القطر المصرى , وكان ديمتريوس (البطريرك 12 نصب سنة 188 - 230 م ) قد أقيم أخيراً أسقفاً على أبروشياتها خلفاً ليوليانوس (البطريرك 11نصب سنة 178 - 188 م)

3 - وعندما إزدادت نار الإضطهاد إشتعالاً , ونال الكثيرون إكليل الشهادة , تملكت رغبة الإستشهاد فى نفس أوريجانوس  بالرغم من صغر سنه , فتقدم متحفزاً إلى النضال بغيرة متأججة وأقترب فعلاً من مرحلة الخطر .

4 - وفى الواقع ان نهاية حياته كانت قد أقتربت , لولا أنه لم تحن ساعته بعد وتدخلت العناية الإلهية السماوية لصدة عن إتمام رغبته , وذلك عن طريق أمه , وكان ذلك من اجل خير الكثيرين .

5 - وفى بداية الأمر توسلت إليه أن يشفق على عواطفها من ناحيته كأم , ولكنها وجدت أنه إزداد ثباتاً فى عزمه , وإندفع بكل قوته للإستشهاد عندما علم بإلقاء القبض على أبيه وسجنة , خبأت كل ملابسه , وهكذاً ألزمته بان يظل فى المنزل ولا يقدر على مغادرته .

6 - وهكذا لم يكن فى إستطاعته عمل شئ آخر , ولكن غيرته المتأججة ظلت تشتعل فيه وتجاوزت حدود سنه فلم تسمح له بالبقاء ساكناً , فأرسل إلى أبيه رسالة مشجعة عن الإستشهاد , نصحه فيها قائلاً : " أحذر من أن تغير موقفك بسببنا " هذا ما يمكن تدوينه وكتابته كأول دليل على حكمة أوريجانوس فى شبابه وعلى محبته الصادقة للرب إلهه وأصراره على  والتقوى

7 - وكان فى ذلك الوقت قد أكتنز محصولاً وافراً من وصايا الإيمان , إذ كان قد تهذب فى الأسفار الإلهية منذ الطفولة , ولم يدرسها بروح الإستهتار وعدم الإكتراث بل بالجد والمثابرة , وزيادة على أن والده قدم إليه الثقافة الواسعة العادية , فإنه لم يجعل دراسة الأسفار الإلهية أمرا ثانويا بل أمراً أساسياً فى حياته .

8 - ففى بادئ الأمر مرنه على الدراسات المسيحية , قبل تعليمه العلوم اليونانية , وطلب منه أن يحفظ جزءاً معيناً كل يوم , ثم يتلوه عليه .

9 - ولم يكن هذا عملاً صعباً لأوريجانوس وهو ما زال ولداً , إذ كان شغوفاً جداً بهذه الدراسات , ثم انه لم يكتف بدراسة الأمور السهلة والواضحة فى الأقوال المقدسة , بل طلب المزيد , وإنكب على التأملات العميقة , وهو فى هذا السن المبكرة , لدرجة أنه كثيراً ما كان يربك أباه بأسئلته عن المعنى الحقيقى والخفى للأسفار الإلهية .

10 - وكان أباه يوبخة - بحسب الظاهر - قائلاً له : أن لا يبحث فوق حدود سنة , أن أن يذهب إلى أبعد من المعنى الظاهر , ولكنه فى واقع الأمر كان مغتبطاً فى نفسه جداً , وشكر الرب لأنه مصدر كل صلاح , إذ حسبه أهلاً أن يكون أباً لصبى كهذا .

11 - ويقال أنه كثيراً ما كان يقف بجوار الولد وهو نائم , ويكشف صدره , كأن روح الرب قد أستقر فى داخله ويقبله بوقار , وفى هذا يعتبر نفسه بأنه تبارك من ذريته الصالحة وأن أبنه هو عطية الرب له .

12 - ولما ختم أبوه حياته بالإستشهاد تركه مع أمه وستة أخوة أصغر منه , وكان عمره لم يكتمل بعد 17 سنة .

13 - وما كانت ممتلكات أبيه قد صودرت لحساب الخزانة الحكومية , فقد أصبح هو وأمه وأخوته محتاجين لضروريات الحياة , ولكن كانت العناية الإلهية ترعاه , ووجد أوريجانوس ترحيباً من أمرأة غنية جداً , وممتازة فى طريقة حياتها وفى نواح أخرى كثيرة , وكانت تعامل بإكرام عظيم شخصاً هرطوقياً مشهوراً كان يعيش فى الإسكندرية وقتئذ , ولكنه من مواليد أنطاكية , وكان يعيش معها لأنها كانت قد تبنته , وكانت تعامله بمنتهى الرفق واللطف .

14 - وكانت الضرورة تحتم أوريجانوس أن يختلط به , ولكنه منذ هذا الوقت وما بعد ذلك قدم دلائل قوية على رسوخ قدمه فى الإيمان , وكان بولس له مقدرة ( وهذا هو اسم الرجل المتبنى ) فى المناقشة وكانت تأتيه جموع كثيرة , ليس من الهراطقة فقط بل أيضاً من ابناء شعبنا , ومع ذلك لم يستطع غواية أوريجانوس قط فى الإشتراك معه فى الصلاة , لأنه كان متمسك بقوانين الكنيسة (3) رغم أنه كان صغير السن , وأبغض على حد تعبيره تعاليم الهراطقة , وإذ كان قد تعلم علوم اليونانيين على يد أبيه فإنه بعد موته أنكب على دراسة الأدبيات بأكثر توسع وتعمق , حتى أنه حصل على أستعداد كبير فى فقه اللغة , وإستطاع بعد موت أبيه بفترة وجيزة أن يعوض هذه الخسارة بالإنكباب على هذا الموضوع , فحصل على مايكفى إحتياجاته التى كانت موجوده فى عصره .

 

==============

المـــــــــــــراجع

(1) ساويرس كان أمبراطوراً من سنة 193 - 211 م

(2) أحد أبطال كنيسة الإسكندرية (185 - 254 م ) وقد وضع المؤلف أشياء كثيره عن أوريجانوس فى الكتاب السادس علاوة على ما ورد عليه فى الكتاب السابع , ويبدوا أن يوسابيوس قد تأثر جداً بتعاليمه إذ تتلمذ على يد بمفيليوس الذى كان رفيقاً لأوريجانوس ومن أصدق أصدقائه ( انظر 7: 22)

(3) لا يصلى أحد من المؤمنين مع أحد لا يزالون تحت التعليم , حتى ولا فى البيت , لأنه لا يليق بمن قبل فى الكنيسة أن يتدنس بمن لم يقبل بعد , لا يصلى أحد من القديسين مع أحد من الهراطقة , حتى ولا فى البيت , لأنه أيه شركة للنور مع الظلمة ( أوامر الرسل 8 : 24 ) قارن ذلك بما ورد أيضاً فى (قوانين الرسل 11 و 12 و 45 ) وتنص المادة الأخيرة على أنه : " أيما أسقف أو قس أو شماس صلى مع الهراطقة فليفرز , وأما إذا هو أذن لهم بأن يفعلوا أمراً ما كأنهم كليروسيه فليقطع .

*******************************************************************************

الفصل الثالث

 

جهادة وتبشيره بكلمة الرب الإله رغم حداثة سنه

 

1 - وبينما كان يلقى محاضراته فى مدرسة الإسكندرية , كما يخبرنا هو بنفسه , لم يوجد فى ذلك الوقت من يعلم الإيمان , لأن الجميع كانوا قد تشتتوا (هربوا) بسبب الإضطهاد , وحدث أن حضر بعض الوثنيين لسماع كلمة الرب .

2 - ويقول أن أولهم كان بلوتارخوس (1) بعد أن عاش حياة طيبة مع الرب نال أخيراً أكليل الشهادة , والثانى هو أكلاس (2) أخو بلوتارخوس , بعد أن قدم براهين كثيرة عن الحياة النسكية الفلسفية أعتبر جديراً بأن يخلف ديمتريوس فى أسقفية الإسكندرية .

3 - ولما عهدت إلي أوريجانوس إدارة المدرسة اللاهوتية كان يبلغ من العمر 18 سنة وقد أشتهر فى وقت الإضطهاد الذى حدث فى عهد أكيلا والى الإسكندرية , إذ برز أسمه بين قادة الإيمان , بسبب أنه لم يفرق بين من يعرفه أو من لا يعرفه  وكان يعامل الجميع بلطف وإهتمام ورقة اظاهر نحو جميع الشهداء المقدسين .

4 - وكانت شجاعته نادره فريده فهو لم يمكث مع الشهداء فقط وقت القيود حتى تنفيذ الحكم النهائى عليهم , وعندما كانوا يساقون إلى الموت كان يتجاسر ويذهب معهم مخاطراً بنفسه , وكانت تظهر شجاعته عندما  النادرة عندما كان يقبلهم قبل حكم الموت , وكثيراً ما كانت الجماهير الوثنية المحيطة بهم يثورون ويهمون بالهجوم عليه .

5 - وكان دائماً ينجوا بمساعدة اليد الإلهية بطريقة إعجازية , وكانت نفس هذه القوة الإلهية السمائية تحرسه مراراً وتكراراً عندما يتعرض لأى خطر بسبب شجاعته , ومن المستحيل أحصاء عدد المرات التى نجى فيها بسبب غيرته الشديدة وجرأته من أجل نشر كلمة المسيح , كما أشتدت عداوة غير المؤمنين بسبب تعليمه للجماهير الكثيرة فى الإيمان المقدس , حتى انهم وضعوا فرقة من الجند حول البيت الذى يقيم فيه .

6 - وهكذا كان مرجل الإضطهاد يغلى يوماً بعد يوم , حتى صارت الإسكندرية المدينة الوثنية لم تعد تطيقه , ولكنه كان ينتقل من بيت إلى بيت , وكان يطاردونه فى كل مكان بسبب الجماهير الغفيرة التى كانت شغوفه لسماع تعاليمه الإلهية التى كان يتفوه بها , إن حياته بلا شك تقدم المثل الأعلى فى السلوك المستقيم المتفق مع الفلسفة الحقيقية .

7 - وكانوا يقولون عنه أن سلوكه كان يتفق مع تعاليمه , وأن تعاليمه تتفق مع حياته , ولذلك فإنه بالقوة الإلهية التى تعمل فيه أعطى قوة ومثلاً دفعت الكثيرين إلى تقليد غيرته فى الإيمان .

8 - ولما رأى أن عدداً كبيراً يأتون إليه فى طلب العلم , وأن ديمتريوس رئيس الكنيسة عهد إليه إدارة المدرسة اللاهوتية , وأعتبر أن علم الإجرومية لا يتفق مع تعليم المواضيع الإلهية , فأبطل تعليم الإجرومية على أساس أنها غير نافعة بل أنها معطلة للتعليم المسيحى الدينى .

9 - وأستقر تفكيره على أن يبيع كتب الأدب القديمة الثمينة التى يمتلكها حتى لا يحتاج إلى مساعدة من أحد , وكان يقنع بالحصول من المشترى على أربع أوبوليات (3) كل يوم , وقد ظل يمارس هذه المعيشة الفلسفية (4) سنوات طويلة , وأبتعد فيها عن كل الرغبات والملذات الشبابية , وكان طول النهار يمارس الكثير من التدريب العنيف , وكان يقضى معظم الليل فى دراسة الأسفار الإلهية , وكان يكبح جماح نفسه على قدر إستطاعته بالحياة الفلسفية الصارمة , وأحياناً بالصوم , وأحياناً بلإقلال من النوم , وبسبب غيرته وإذلال جسده فلم ينم على فراش قط , بل كان ينام على الأرض .

10 - وأكثر من الكل فكر بأن كلمات المخلص فى الإنجيل يجب تنفيذها , وهى التى ينصح فيها بأنه يجب عدم إقتناء ثوبين أو إستعمال أحذية (5) أو الإهتمام بالمستقبل (6)

11 - وبسبب غيرته فى الإيمان التى زادت عن حدود سنة وكان يتحمل البرد والعرى وأحب حياة الفقر الإختيارى إلى أقصى حدوده , حتى أذهل كل من حوله , , ولكن كثيرون آخرون حزنوا من أصدقائه لأنهم أرادوا أن يقاسمهم الثروة بسبب الجهد المضنى الذى رأوا أنه يبذله فى تعليم الإلهيات .

12 - ولكن لم يستطع أحداً أن يثنيه عن عزمه وإرادته , ويقال أنه كان يمشى حافى القدمين لسنوات طويلة , وأتنع عن شرب الخمر لسنوات طويلة أيضاً , وكذلك عن كل شئ عدا الطعام الضرورى , حتى أصبح جسده تحت خطر إنهاك قواة , وإتلاف جسده .

13 - وهذه أمثال هذه الأدلة عن الحياة النسكية لمن رأوه عياناً , فقد قام بتشجيع الكثيرين من تلاميذة على الإقتداء بغيرته وإيمانه , وهكذا أندفع من تعليمه الكثيرين من أشخاص بارزين  حتى من بين الوثنيين غير المؤمنين , وهؤلاء الأشخاص  كانوا يقتفون آثار العلم والفلسفة ,  فقد قبل بعض منهم الكلمة الإلهية فى أعماق نفوسهم وبرزت أسمائهم أثناء الإضطهاد الذى ساد فى هذا الوقت , فألقى القبض على بعضهم فإستشهدوا .

*****************************************************************************

المــــــــــراجع

(1) كان أول من أستشهد من تلاميذ أوريجانوس راجع ف 4

(2) هراكلاس أو يراكلاس كان من أقدر تلاميذ أوريجانوس الذى أشركه معه فى التعليم لما تزايد عليه العبئ راجع ف 15 - وفى ف 19 نرى أنه كان شغوفاً بالفلسفة اليونانية , وقد إزدادت شهرته العلمية جداً راجع ف 31 حتى أن يوليوس أفريكانوس ذهب إلى الإسكندرية خصيصاً ليراه , وفى سنة 231 م عندما غادر أوريجانوس الإسكندرية أوكل إليه إدارة مدرستها راجع ف 36 , وفى سنة 231 - 232 م خلف ديمتريوس فى أسقفية الإسكندرية بعد نياحته راجع ف 26 و 29 وخلفه ديونيسيوس فى إدارة المدرسة راجع ف 29 .

(3) الأبولس أو جمعها الأبوليات كانت عملة يونانية وكانت هذه الكمية لا تكفى القوت الضرورى جداً , ولكنه كان يراها كافية نظراً لتقشفة الشديد .

(4) أن النسكية

(5) (مت 10 : 10 )

(6) مت 6 : 34 )

 

 

This site was last updated 12/01/13